الفهد الصياد .. حامل الرقم القياسي في السرعة
(5/6/2004)
يعد الفهد الصياد وأسرع الحيوانات على سطح الأرض والعضو الأكثر تفردا وخصوصية في عائلة القطط يتمتع بجسد أكثر نحولا وأطراف أطول يلقب نحولا وأطراف أطول بـ"كلب الصيد".
وعلى الرغم من الانطباع السائد عنه إلا أنه لايعد عدوانيا ففكه ضعيف تكمن قوته في سرعته لذا لا يستطيع الدفاع عن نفسه أو أبنائه في مواجهة الحيوانات الأقوى.
أسبغ البشر بخوفهم الشديد من الحيوانات المفترسة صفة العدوانية عليها بخاصة عائلة القطط الكبيرة من أسود ونمور وفهود صيادة فقد تعلمنا منذ الصغر الخوف من الحيوانات آكله اللحوم من دون أن نفهم طبيعة تصرفاتها وطرق تكيفها الخاصة ودورها الأساسي في الحفاظ على التوازن الطبيعي للبيئة.
بنيته الجسدية
خلق جسم الفهد الصياد للسرعة فمنظره لا يشبه جسم الأسد أو غيره من أسرة القطط الكبيرة وعدم التشابه هذا كان السبب في اعتباره قديما ينتمي إلى عائلة الكلاب يتميز الفهد الصياد برأس صغير مدور وساقين وذيل طويل برقشته على أساس أصفر منقط بالأسود وطرف بطنه أبيض.
وعند نوع الفهد الصياد الملوكي تندمج هذه النقط لتصبح خطوطا سوداء طويلة شعر فروه قصيرو ينمو عند منطقة الرقبة قليلا وعلى طرف البطن يغدو طويلاً.
ما يساعد هذا الحيوان الفريد على الركض إلى جانب جسمه الانسيابي ساقة الطويلة وغياب الترقوة الأمر الذي يسهل عليه قطع مسافة طويلة جدا راكضا معتمدا على ساقيه الأماميتين وهكذا يصبح عدوه أسرع ويسهم ذيله الطويل في تأمين التوزيع المناسب لثقل جسده وفضلا على ذلك يستطيع أن ينعطف بزاوية أصغر حتى من متسابق في مسابقة الدراجات النارية وما يفعله الأخير على الأسفلت الأملس يقوم به الفهد الصياد بسهولة على سطح الأرض كذلك فإن قدرته العجيبة على التسارع مذهلة حيث إن الإنسان لم يستطع حتى اليوم اختراع سيارة يصل تسارع سرعتها خلال ثلاث ثوان إلى 90 كيلو مترا في الساعة.
كما هي الحال لدى الفهد الصياد كذلك يستطيع التوقف من سرعة 40 كيلومترا في الساعة بخطوة واحدة بفضل مخالبة الظاهرة دائما إذ ليس بمقدوره ثنيها أو إخفاؤها والتي تعمل بالنسبة له كحذاء لاعب كرة القدم أكبر سرعة متعارف عليها لدى الفهد الصياد هي 59.5 كيلو متر في الساعة إلا أن بعض المصادر تدعي قدرته على العدو بسرعة 120 كيلومترا في الساعة على أنه لا يستطيع الاستمرار بهذه السرعة لفترة طويلة ولا يستمر في المطاردة لأكثر من ربع دقيقة فقط لأن جسمه لا يمتلك نظاما لتبريده ولذلك يضطر للتوقف قبل أن تزداد حرارة جسمه بطريقة لا يتحملها ودرجة حرارة جسمه أساسيا 37.5 درجة ولكنها ترتفع خلال الركض لتصل إلى ما يزيد على الـ40 درجة ولذا عليه أن يرتاح بين المطاردتين على الأقل نصف ساعة حتى يستعيد جسمه حرارته العادية.
يبدو شبل الفهد الصياد غريبا بعض الشيء فساقه أقصر وشعره طويل ومع نموه يختفي الشعر تدريجيا فلا يبقى منه إلا القليل على رقبته ليصبح كالفراء.
ولكن هذا الفراء يختفي أيضا في الرابعة من العمر إلا في حال الفهد الصياد الملوكي.
طريقة حياته
الفهد الصياد حيوان مفترس يقوم للصيد نهارا ويتخذ من الحيوانات الأصغر منه فرائس له كالغزلان مثلا بينما يتجمع الذكور في مجموعات صغيرة تعيش الأنثى وحيدة تربي أشبالها لوحدها وتستغرق هذه العملية قرابة السنة ونصف السنة.. بعد ذلك تتركها للتزاوج من جديد.
وعلى الرغم من بقاء الذكور مع الأشبال في مجموعة واحدة فإنها تفتقد أية غريزة جماعية لذلك يتساوى أفراد المجموعة الواحدة التي تتكون من فردين أو ثلاثة وتتعاون معا للإمساك بحيوانات أكبر حجما كحيوان النو مثلا كما تتوافر لها في هذه الحالة فرصة أكبر للدفاع عن منطقتها.
للذكور ميل إقليمي ثوي إلى درجة تدفعها إلى قتل المتطفلين على منطقتها والفهد الصياد لا يستسلم أبدا عكس الذئب مثلا ( ولكن جوي آدمسون عالمة الحيوان الأمريكية المعروفة قد لمست بدايات الميل للاستسلام لديه عندما لاحظت لجوء أحد فهود الصيادة للاستلقاء على ظهره تجنبا للقتل).
يستولى الضبع والأسد على فريسة الفهد الصياد بسهولة لأن الأخير يهرب من أجل الحفاظ على سلامته.
لذلك يكف عن المطاردة في حال شاهد حيوانات مفترسة أخرى في المنطقة.
ولهذا الفهد الصياد حيوان نشيط في أغلب يومه يحب اللعب ولا يتكاسل كما هي حال الاسد مثلا.
نشأته وتطوره
تطور جسم الفهد الصياد بطريقة خاصة ليخدمه في تحقيق سرعته الفائقة بدأ تطوره قبل ثلاثة ملايين سنة عندما كان يعيش في الغابات ويتسلق الاشجار لكن مع مرور الوقت اصبح الجو اقل رطوبة الامر الذي تسبب في ابادة الاشجار بكمية هائلة وارغامه على النزول الى الارض المسطحة ومع اختفاء الغابات ضاقت دائرة حياة هذه الحيوانات اخيرا لم تبق الاشجار الا في اماكن متباعدة على اطراف البحيرات والجدوال المهددة بالجفاف اما المساحة المتبقية فقد احتلتها السافانا ومما ارغم اسلاف الفهود الصيادة على اعتزال الحياة الجماعية والتفرق بين هذه البحيرات لانها شكلت المنطقة الوحيدة التي تستطيع الصيد فيها نظرا لعدم امتلاكها بعد القدرة الكافية جسمانيا للاصطياد في السهول.
كان عدد افراد تلك المجموعات قليل جدا الامر الذي ادى الى حصر امكان التزاوج فيما بينها ما خلق مشكلات وراثية كبيرة تسببت في انقراض اغلبها الا ان احدى تلك المجموعات كانت اكثر حظا والتي ربما اضطرت - تكيفا منها مع الظروف الجديدة - ان تجرب استراتيجية الصيد المتبعة عند الفهد الصياد الحالي وبذلك حصلت على جينات احسن.
لعل هذه الجينات شكلت اساس الجسم الانسيابي الذي يتميز به الفهد الصياد اليوم اي هذه المجموعة الناجحة التي استطاعت البقاء وضمنت مكانتها فيما بعد خلال عملية التطور هذه ووصل الفهد الصياد الى شكله وسرعته الحالية المعروفة.
يتعرض الفهد الصياد اليوم لخطر كبير ويعاني من مشكلات وراثية خطرة وتؤكد بعض البحوث الحديثة على فاعلية 10 في المائة فقط من السائل المنوي عند الذكور الأمر الذي انعكس سلبا على تكاثره فقد تضاءلت اعداده بشكل كبير تساوت فيه مع اسلافها الاوائل لكن اصراره على الحياة لم يتراجع فعاد الى الغابة من جديد.
ففي العام 1920 ظهر نوع من الفهود الصيادة في ادغال ناميبيا وتحولت برقشة لونه الى خطوط قلمت سائر جسده ويتميز بحبه للغابات عكس شقيقه في السافانا واعتمد الصيد ليلا هذا هو النوع الذي سمي بـ "الفهد الملوكي" والذي يمثل بشكل واضح هروب الحيوان من الاستغلال البشري للطبيعة وتسخيرها لخدمته وهو في الوقت نفسه اشارة واضحة الى ان الارض ليست ملكنا وحدنا كما ان الطبيعة لا تخضه لانانية الانسان بل وتدافع عن نفسها بالهجوم على شكل فيروسات مختلفة.
الفهد الصياد والانسان
يعيش الفهد الصياد منذ القدم في خدمة الانسان لعله اول من صاد عوضا عن الانسان المصريون القدامى اعتمدوا عليه في الصيد كذلك الاغريق حيث وجدت آثار دعساته على مختلف اوانيهم الفخارية وبات في عهد المغول رمزا للسلطة والترف فتسابقوا الى تجميعه ويحكى ان احدهم امتلك الفا من هذا الحيوان الصياد دفعة واحدة وتشابه استخدامه في الصيد مع استخدام الصقور حيث غطوا رأسه قبل الوصول الى ساحة الصيد التي ينقل اليها في عربة نظرا لتعبه السريع.
ومع بداية القرن العشرين بدأت حملة الابادة تلاحق الفهد الصياد وغيره من الحيوانات المفترسة طمعا بجلودها اضافة الى ما شكله من خطر على الحيوانات التي رباها المستعمرون الجدد في افريقيا فنقص عدده من مائة ألف الى حوالي عشرة آلاف حتى اليوم وعلى الرغم من انخفاض نسبة قتلها طلبا لجلودها فما زالت النسبة التي يقتلها المزارعون كبيرة لذا تعمل منظمات حماية الحيوان على تغيير رؤية الناس ونشر فكرة استخدام كلاب خاصة مدربة على حماية قطعانهم.