بسم الله الرحمن الرحيم
صفات المتقين في ظلال القرآن الكريم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونَستغفِره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، شهادةً يَنالُ مَن اعتقدها وقالها، وعمِل بها ودعا إليها، وصبر على تبعاتها - الفوزَ الأعظم، والفلاح الأكبر.
الحمد لله ذي النعم الجزيلة التي أعيَت المُحصين، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والمرسَلين، الذي بعثَه الله بدِين الإسلام رحمةً للعالَمين، وجعل أمَّته خيرَ أمة أُخرجت للناس، ولم يرضَ لعباده دينًا سواه، وقصر الفلاح والفوز برضاه على مَن اتَّبع سنة محمد - صلى الله عليه وسلم - وما سار عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.
أما بعد؛ فالمتقون لهم صفات وأعمال نالوا بها السعادة في الدنيا والآخِرة، ومِن هذه الصفات ما يأتي:
أولاً: قال الله - تعالى -: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 1 - 5] ، ففي هذه الآيات مجموعةٌ مباركة من صفات المتقين، وهي:
- الإيمان بالغيب.
2- إقام الصلاة.
3- الإنفاق الواجب والمُستحَب في جميع طرُق الخير.
4- الإيمان بالقرآن والكتُب المُنزَّلة السابقة.
5- الإيقان والإيمان الكامل بالآخِرة، واليَقين هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك.
ومَن عَمِل بهذه الصفات، كان على الهدى العظيم، وكان مِن المُفلِحين الفائزين في الدنيا والآخِرة.
ثانيًا: قال الله - تعالى -: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، ففي هذه الآية العظيمة بيَّن الله - تعالى - كثيرًا مِن أعمال المتَّقين، وصفاتهم الكريمة العظيمة، وهي:
1- الإيمان بالله - تعالى.
2- الإيمان باليوم الآخِر.
3- الإيمان بالملائكة.
4- الإيمان بالكتُب التي أنزل اللهُ - تعالى.
5- الإيمان بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام.
6- إعطاء المال للأقرباء، واليتامى، والمساكين، والمسافرين، والسائلين، وإعتاق الرقاب.
7- إقام الصلاة.
8- إيتاء الزكاة.
9- الوفاء بالعهد.
10- الصبر في الفقر، والمرض، ووقت قتال الأعداء.
11- الصدق في الأقوال، والأفعال، والأحوال.
فهؤلاء الذين عملوا هذه الأعمال صدَقوا في إيمانهم؛ لأن أعمالهم صدَّقت إيمانَهم، وهم المُفلحون؛ لأنهم تركوا المحظورات وفعلوا المأمورات؛ ولأن هذه الأمور مُشتمِلة على كل خصال الخير تضمُّنًا ولزومًا؛ لأن الوفاء بالعهد يَدخل فيه الدِّين كلُّه، ومَن قام بهذه الأعمال، كان لما سواها أقوم، فهؤلاء هم الأبرار الصادقون المتَّقون[1].
وبالله التوفيق، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[1]- انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان؛ للسعدي.